Tuesday, March 1, 2011

عن حقوق الإنسان... الآخر




بعد متابعة مجموعة من الاخبار و المناقشات على فيسبوك و غيره، لاحظت إنه فيه ناس كتير مش فاهمة يعني إيه "حقوق الإنسان"، أو فاهمين منها الحتة اللي تخصهم بس!

كمثال، فيه ناس شايفة مثلا إنه أداء الشرطة (أو الجيش) لعملها يتطلب بالضرورة انهم يعملوا - في الناس التانية - حاجات العالم كله بيعتبرهـا انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان.
بتشوف ده في جُمل من عينة: "ما احنا محتاجين قانون الطوارئ (أو حظر التجول) علشان الجيش و الشرطة يلموا المساجين اللي هربوا"
أو: "ماهو لازم محاكم عسكرية علشان نخلص بسرعة مشكلة البلطجية اللي في كل حتة"
أو الجملة المفضلة لدى: "ما المتظاهرين كسروا حظر التجول يوم 26 فبراير، يستاهلوا اللي يجرالهم"

الحقيقة الشرطة نفسها شكلها فاهمة كده، و ده شيء مطمئن جدا!

طيب نبتدي من الأول...
حقوق الإنسان مفروض إنها بديهية، بس للعلم هي مكتوبة في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان.

من الإعلان ده ممكن نطلع بشوية إجابات و استنتاجات عن الكلام اللي بيتقال لينا:
1- حظر التجول أصلا بيخرق المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان. و مفيش أي سبب منطقي لفرض حظر تجول دلوقتي و حرمان الناس من الحق الطبيعي ده.
افتكر كده امتى فرضوا حظر التجول؟ لما كان الرئيس السابق مبارك بيحاول يلم المظاهرات.
كان فيه بلطجية في الشارع لما أعلنوا الحظر؟ لأ، البلطجية طلعوا بعدها (واخدلي بالك إنت)
طب بس دلوقتي احنا محتاجينه عشان البلطجية! بأنهي منطق؟ هم البلطجية مبيطلعوش غير بعد الساعة 12؟!
بعدين أحسن حماية للشارع المصري طول عمرنا كان وجود ناس فيه لغاية الصبح، و دي حاجة معروفة عن القاهرة بالذات.
فَكر كده، لما كنت بتنزل بلليل، كنت حاسس بالأمان ليه؟ علشان شايف المحلات منورة و فيها زباين و المواصلات شغالة والشوارع مليانة ناس؟ ولا علشان كنت بتشوف دوريات سيارات الشرطة بتلف في الشوارع؟
هو أصلا كان فيه دوريات سيارات شرطة بتلف في الشوارع؟!!

2- الضابط المحترم بتاع "مش هنقدر نحميكم عشان حقوق الإنسان". أهلا بيك! أشكرك على صراحتك لانك ادتنا الفرصة إننا نشوف إزاي بعض ضباط الداخلية بيفكروا لغاية دلوقتي.
للي ميعرفش، الشرطة كانت شغالة بطريقة طريفة جدا. يوم مايحصل سرقة أو أي جريمة، يلموا كل المسجلين خطر و يرموهم في الحجز، و مفيش مانع ياخدولهم علقة لغاية ماحد فيهم يدي الشرطة معلومة مفيدة عن مين اللي ارتكب الجريمة.
لو ده اللي حضرة الضابط بيتكلم عنه، أيوه احنا مش عايزين الكلام ده يحصل تاني!
مش عايزين نصنف الناس "بلطجية" و "مش بلطجية" من الأول. مش عايزين متهمين مبدئيًا حتى يثبت العكس.
 ماحدش طلب من الشرطة تضرب أي واحد شكله "مش ولابد" ماشي في الشارع. احنا عايزين الشرطة تقوم بشغلها. يعني تيجي لما يتعمل بلاغ، و تمسك أي مجرم في حالة تلبس. و تعمل تحريات حقيقية.
ماحدش عايز يعيش في عدم أمان، بس مش علشان نعيش احنا في أمان نعيَّش غيرنا في رعب وظلم مستمر.
حقوق الإنسان هي حقوق لكل انسان، مش حقوق "ولاد الناس" بس. و لو حضرتك من ولاد الناس اللي شايفين غير كده، أحب أبشرك إنك مش ابن ناس ولا حاجة... خد بالك بقى!

3- طيب واحد الجيش أو الشرطة لاقوه بيعمل شغب (حسب كلامهم) و مسكوه متلبس. يعملوا إيه؟
أثناء حفظ الأمن و القبض على أي مثير للشغب و حجزه، ممنوع استخدام أي نوع من التعذيب أو الإهانة أو العنف الغير مبرر ضد أي حد ايا كان.  ده ضد مادة 5 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان.
يعني نطبطب على البلطجي واحنا بنقبض عليه؟ لو مقاومش أثناء القبض عليه... يبقى آه.
بس مش دول مجرمين برضه؟ احتمال، هنعرف بعد التحقيق، بس في كل الحالات مش شغلة الشرطة أو الجيش تطبيق العقاب، شغلتهم القبض على المشتبه فيهم بس.
لو المشتبه فيه قاوم القبض تستخدم القوة بحساب. يعني كل حاجة تتعمل لازم يبقى ليها سبب واضح و مبرر، مش نظام رمونا بالطوب رميناهم بالرصاص بتاع 28 يناير ده!
ليه؟ علشان ده بيفتح الباب للأمن إنه يعمل اللي يعجبه في أي حد بدعوى (اللي ممكن تبقى كاذبة) إنه مجرم. و ده في حد ذاته إجرام.

و ياريت مننساش دايما الفرق ما بين الشخص المسلح و الشخص الأعزل. و الفرق بين الجهاز اللي مطلوب منه الانضباط و المجرم المنفلت. و الفرق ما بين القانون والجريمة. و إلا هيتحول جهاز حفظ الأمن لجهاز إجرامي. (ناس هتقولي ماهو اتحول من زمان، اقولهم  بالضبط كده... و احنا نفسنا نصلح ده، يبقى نطالبهم يمشوا صح)

4- بعد القبض على "مثيري الشغب و البلطجية"، مش من حق الجيش إنه يحاكم أي حد أمام محكمة عسكرية. (أيوه. حتى البلطجية).
ليه؟ عشان ده بيخرق مادة 10 و 11 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ليه دي مشكلة؟ علشان في المحكمة العسكرية القضاء مش مستقل و مبيبقاش محايد (يعني له شغلانة تانية غير القضاء... يعني عنده دافع إنه يحكم لمصلحة شخص أو جهاز معيَّن بشكل غير موضوعي)، و المحاكمة مبتبقاش علنية، و حق الدفاع بيبقى محدود.
هتقولي دول بلطجية و يستاهلوا أكتر من كده! هقولك ايش عرفك إنهم بلطجية، مش يمكن يكون متلفقلهم تهم؟
هتقولي طب نعرف إزاي؟ هقولك هي دي فكرة المحكمة المستقلة المحايدة العلنية اللي فيها دفاع عدل... إنها تقلل (مش هتقدر تلغي تماما، لكن هتقلل) من احتمال تلفيق التهم.
و عموما حتى لو هم بلطجية، المحكمة العسكرية خرق لحقوقهم لإن دول بني ادمين زيك بالضبط و يستاهلوا إن العقاب يبقى على قد الجريمة، و ده مش مضمون في محكمة عسكرية لنفس الأسباب السابقة.

طب نعمل إيه في البلطجية اللي قبضنا عليهم دلوقتي؟ نحطهم في سجن حسب القانون بعد مايتعرضوا على نيابة و يتفتح ضدهم تحقيق لو فيه أدلة كافية.
هتقولي بس كده ممكن بلطجية كتير تطلع من الحجز عشان مفيش أدلة كفاية. هقولك ده شيء مؤسف، بس ترضى ناخد البريء مع المجرمين لكشة واحدة و نرميه في السجن سنين طويلة من غير حتى الحق إنه يدافع عن نفسه كويس؟ فَكر قبل متجاوب، البريء ده بني آدم ممكن عنده زوجة و عيال و اصحاب. ترضى نظلمه كل الظلم ده علشان حضرتك تحس بالأمان؟

و هي دي أهم نقطة في كل اللي فات ده: ماينفعش نسكت على أي ظلم واقع على غيرنا علشان خايفين على نفسنا... و بالمناسبة أي إجراء قمعي إنت راضي عنه علشان متخيل إنه بيحميك، ممكن في أي وقت تلاقيه بيستخدم ضدك!

و مش لازم تبقى ضد النظام علشان تتضر على فكرة، فيه ناس بتتاخد في الرجلين طول الوقت، و الحاجة اللي ممكن تحميك هي احترام حقوقك كإنسان أولا وكمواطن ثانيا...ماتتخلاش عن الحقوق دي سواء ليك أو لغيرك.

كلمة أخيرة: متفكرش إنه الكلام ده بيحصل لغيرك بس... عشان غيرك كان فاكر كده برضه.

No comments:

Post a Comment