مدللٌ أنا

أعلم أنني في مصر و لا أشعر بغير ذلك, لكن يغمرني إحساس غريب بالسلام كأني سافرت بعيداً
الشارع يكاد يكون خالياً من المارة, او في الواقع هو خال من الضوضاء و تلك التركيبة المعهودة من الأصوات المتداخلة التي صارت بمثابة الموسيقى التصويرية لحياتنا اليومية. هناك بعض الأشخاص المتفرقين, كل منهم جالس تحت أحد أعمدة الشارع الجميلة, أشعر بأن هؤلاء الناس مثلي تماماً... أشعر أنهم بشر
أتعرف هذه الإضاءة؟ بعدما تغرب الشمس تماماً و تبدأ عباءة الليل تغطي الموجودات لكن بحياء في البداية, كأن الليل لا يريد أن يفرض نفسه بوقاحة
و كل شئ مصبوغ بلون ساحر لم أره في أي مكان آخر, يعجبني جداً ذوق إلهي في الألوان
أشجار في كل مكان, حرة غير مهذبة أكثر من اللازم... أكره شكل الأشجار حين يعاملونها معاملة الجنود في الجيش و يزيلون كل ما هو أخضر فيها بحجة التهذيب
نسمة من الهواء تداعب مؤخرة عنقي و وجنتاي فتسري فيهم الحمرة

أشعر أنني حىّ

لم أحظ بكل هذا التدليل من إلهي منذ فترة طويلة, أو ربما لم أكن منتبهاً له و هو يدللني. كنت محتاج جداً لهذا الصفاء و الجمال و الهدوء, كنت اظن أني بحاجة للسفر إلى مكان سحري لا أعلم أين هو و لا كيف أجده, و ها هوذا وجدني
عمل بسيط هو الذي أتى بي هنا و بدأ كل هذا التدليل, خدمة لمن أحب لا مصلحة لي فيها, و ها أنا قد صرت سعيداً