Tuesday, April 5, 2011

حضرتك عايز دولة مدنية علمانية... بس مش واخد بالك!



معلش أنا آسف لو العنوان مستفز، بس أنا هشرح دلوقتي ليه أنا بقول كده.


تعريف بسيط بس الأول: الدولة المدنية هي لا عسكرية ولا دينية.
هي لا دور للجيش و لا دور للفقهاء في تحديد قوانينها و سياستها.
يعني يوم ما نيجي نصدر قانون، لا يحق للجيش ولا لفقهاء الدين - أي دين - ايقافه أو تسييره... و لا يستشاروا فيه حتى! و على فكرة ده عمليا معناه برضه إن الدين ميبقالوش دور في التشريع أو وضع السياسات.
يعني ممكن نسميها دولة  مدنية علمانية.


يعني أنت عايز الدين يبقى مكانه المسجد أو الكنيسة و بس؟!
لأ طبعا... أنا مقلتش كده. حضرتك حر تاخد الدين بتاعك معاك في كل حتة. و لو عايز تنادي بيه في أي مكان إنت حر برضه... بس على مسئوليتك.
يعني إيه على مسئوليتي؟ هقولك بس الأول نشوف موضوع الجيش و السياسة ده علشان أسهل، و هيمهد للنقطة اللي بعدها.


فيه أسباب كتير ليه الجيش مش مفروض يدخل في السياسة، بس أنا هاركز على السبب اللي كلنا شفناه مؤخرا: إن من مصلحة الوطن إن الجيش يبقى بعيد نسبيا عن النقد الشعبي.
المشكلة إن لما الجيش دخل في العملية السياسية بقى بيخضع للنقد عادي خالص زي أي مؤسسة تعمل على الساحة السياسية.
بقى بيصدر قوانين و الناس تعترض عليها - و عليه لأنه اصدرها.
قياداته بتطلع على التلفزيون و تعمل مداخلات تليفونية على برامج التوك شو و الناس مايعجبهاش و تعلق و ممكن التعليق مايعجبش ناس تانية فيتخانقوا.
و بعدين ياخد الجيش قرار و ناس كتير تتضايق جدا من القرار ده فينزلوا في مظاهرة و يهتفوا هتافات ضد قيادات الجيش... كده يعني.


و دي مشكلة كبيرة!


علشان كده سمعنا أحد قيادات الجيش بـيقول ان "المؤسسة العسكرية خط أحمر".
و أنا شخصيا كان نفسي إن ده يبقى حقيقي فعلا، لكن المشكلة إن الديموقراطية علشان تشتغل محتاجة حرية تعبير... و الحرية دي تعني تعرض النظام الحاكم لنقد قوي بطرق كتير - و كلها مشروعة طالما هي سلمية.
و طول ما الجيش هو النظام الحاكم هيفضل يتعرض لحاجات احنا و الجيش و مصر في غنى عنها.


و يبقى الحل يا إما تعطيل الديموقراطية (بتسكيت المعارضين و الضغط على الصحف و قنوات التلفزيون... الخ.) أو إنسحاب الجيش من المشهد السياسي.


يعني يا نختار الديموقراطية، يا نختار الحكم العسكري.


طب تمام، نيجي للدين بقى.
أغلب ماقلناه على الجيش، ينطبق على الدين - مع اختلاف الأسباب شوية.


واقع الأمر إن الكلام في الدين عموما في مصر عملية حساسة، و خصوصا بقى لو هتتكلم في دين غير دينك!
و كلنا عارفين إن لو واحد اتكلم في دين مش دينه، غالبا هياخد على دماغه.
الناس غير مستعدة اطلاقا لمناقشة ماتراه متعلق بأحكام دينها مع طرف غير مؤمن بهذا الدين.
مش كده بس، ده فيه حاجات كتير الناس مش مستعدين يناقشوها حتى مع طرف مؤمن بنفس دينهم لكن مختلف معاهم في تفسيرها.


و اثبات الموضوع ده سهل جدا، افتح أي مقال له علاقة بأي دين أو أي مؤسسة دينية على أي جريدة على الإنترنت و اتفرج على التعليقات.
لاحظ الغضب الواضح في تعليقات كثيرة.
و لاحظ إن ساعات كتير الغضب ده مابين ابناء الدين الواحد كمان.


تعالى بقى نتخيل كده حضرتك إننا في دولة دينية... أو بلاش دي، خليها دولة مدنية لكن التشريع فيها مرجعيته دينية.
و تعالى نفترض إنها في نفس الوقت دولة ديموقراطية فيها حرية رأي و تحترم الأقليات... الخ.


و تعالى نتخيل جلسة في البرلمان... البرلمان ده فيه مواطنين مصريين من أديان و ثقافات و خلفيات مختلفة - ديموقراطية بقى!
(للتسهيل هنفترض كمان إن كل الأعضاء "مدنيين"، بمعنى إن مافهمش شيوخ أو قساوسة... يلا يا عم!)


أحد الأعضاء الموقرين طرح مشروع قانون و أحد دعامات هذا القانون الأساسية حكم شرعي ديني.
تحب نتناقش في القانون إزاي دلوقتي؟


ماهو حضرتك لازم هيحصل حاجة من الإتنين، يا هنتناقش كلنا في الحكم الشرعي الديني ده بكل ماتعنيه كلمة مناقشة - يعني مش هيبقى فيه خطوط حمراء! -
يا بشكل أو بـآخر مش هنناقش القانون اصلا، و طرف ما هيحدد يعدي القانون ولا لأ - رئيس البرلمان مثلا، زي ما كان بيحصل في مجلس الشعب قبل 25 يناير.


و يبقى الحل  يا إما تعطيل الديموقراطية (بتشريع و تحديد سياسات بدون ما الشعب هو اللي يقررها)،  أو رفع الدين عن المشهد السياسي.


يعني لقينا نفسنا مجبرين يا نختار الديموقراطية، يا نختار المرجعية الدينية.


طبعا فيه حل ثالث: تفضل المرجعية الدينية موجودة، لكن نبقى كلنا مستعدين لتناول ما سيعتبره البعض (و دايما البعض دول هيبقوا موجودين) أحكام ثابتة في الدين الإسلامي - بحرية.
حرية تناول الدين دي هتبقى في مناقشات في البرلمان و في وسائل الإعلام و على القهاوي و في الشارع...
و ممكن كمان لو مر قانون مسنود على حكم شرعي ديني بس معجبش بعض الناس تلاقيهم طلعوا في مظاهرات يهتفوا ضد القانون أو الحكم الشرعي أو الدين نفسه - و لاحظ إن فهم الناس للموضوع ساعتها هيختلف من واحد للتاني، سواء المتظاهرين أو الناس اللي واقفة بتتفرج على المظاهرة.


هل حضرتك مستعد لتقبل ده؟
لو لأ، يبقى أؤكد لك إنك مش عايز دولة دينية - ولا حتى مدنية بمرجعية دينية - بس مكنتش واخد بالك!
(أو يمكن أنت مش عايز دولة ديموقراطية... فكَّر و حدد موقفك)


و لو آه... يبقى أتمنى إن كل الناس ساعتها تبقى متفتحة زي حضرتك، و إن ماحدش يواجه بعض المناقشات - أو حتى أي مظاهرات سلمية - بالعنف دفاعا عن دينه أو ما يظن انه دينه.


لأن ساعتها أعتقد هنبقى وصلنا لوضع احنا و الأديان و مصر كلها في غنى عنه.